التمويل المسؤول يهدف لسلامة قطاع التمويل وتحقيق العدالة في التعاملات.
– أنواع التمويلات الجديدة لا تستهدف التضييق على المقترض بل تراعي ظروفه والتزاماته.
– عبدالحميد العمري: ستقلّ الخلافات بين البنوك والعملاء مستقبلاً وستخفض الأسعار بشكل عام.
– نوف الغامدي: يلبي احتياجات العميل في الحصول على المسكن والأصول بدلاً من “الاستهلاكية”.
– طلعت حافظ: في التمويل الشخصي سيتم استقطاع 33% من الراتب مع البدلات الثابتة حذف التأمينات والتقاعد منها.
يؤكد الخبير الاقتصادي عبدالحميد العمري أن تطبيق البنوك والمصارف المحلية غداً الأحد مبادئ التمويل المسؤول للأفراد التي تأخذ بالاعتبار مصروفات أساسية يتحملها المقترض كانت لا تؤخذ بالاعتبار سابقاً؛ كوجود التزامات مالية ناشئة عن قروض من أقارب أو من جهة العمل، إضافة إلى الالتزامات الأسرية كالعمالة المنزلية ومصروفات التعليم وتكاليف النقل واستهلاك الكهرباء والماء والهواتف إلخ.. وتكلفة إيجار السكن إن وُجد وهو الغالب وجوده لدى الأسر السعودية.
ويقول لـ”سبق”: “كل هذا أصبح محتسباً عند احتساب القرض البنكي (استهلاكي، عقاري)، الذي سيؤدي بدوره إلى خفض عبء سداد القرض الشهري إلى مستويات مقبولة وممكنة بالنسبة للمقترض، وفي الوقت ذاته انخفاض مخاطر التعثر على الممولين”.
ويضيف “العمري”: في المجمل كل هذا سيؤدي إلى خفض الخلافات بين البنوك والعملاء مستقبلاً، مع التأكيد أن إيجابياته قد لا نلمسها بشكل جيد إلا بعد عدة سنوات، نتيجة وجود قروض كبيرة جداً تفوق ٤٠٠ مليار ريال (استهلاكية، عقارية) في الوقت الراهن تم الاتفاق عليها وفق صيغ اتفاق قديمة مختلفة كثيراً عن المبادئ، وما شهدناه خلال العامين الماضيين من تصاعد الخلافات بين الممولين والمقترضين نشأ بالدرجة الأولى من غياب مثل المبادئ التحوطية.
ويشير “العمري” إلى أن هذا التوجه الجديد للبنوك وكبح الائتمان، وتقييده سيؤدي إلى استقرار الأسعار بداية في الأجل القصير، ثم انخفاضها لاحقاً في الأجلين المتوسط والطويل، وفي الأوضاع الراهنة للسوق العقارية المتسمة بالركود الشديد للعام الرابع على التوالي، وفقدان السوق لأعلى من ثلاثة أرباع قيمة صفقاتها التي كانت عليها عام ٢٠١٤، يقدر أن تصل خسائرها بنهاية العام الجاري إلى نحو ٣٠٠ مليار ريال، وتحت آثار ارتفاع عروض بيع الأراضي والعقارات، وارتفاع أعداد الأراضي الخاضعة للتطوير والاستخدام نتيجة لتطبيق نظام الرسوم على الأراضي البيضاء، واستمرار ارتفاع معدلات الفائدة، واستمرار إخلاء الوافدين وأسرهم للمساكن المستأجرة الذي تجاوز عددهم منذ الربع الرابع ٢٠١٦ إلى منتصف العام الجاري أكثر من مليوني نسمة، واستمرار انخفاض تكلفة الإيجارات، واتساع التطبيق الفعلي لشهادة الاستدامة على المساكن، يتوقع أن يكون وقع بدء تطبيق هذه المبادئ صادماً لسوق العقار، وهي الصدمة الإيجابية اقتصادياً واجتماعياً بكل تأكيد، بينما ستكون صدمة سلبية كبيرة للعقاريين، سينتج عنها مزيد من انخفاض الأسعار السوقية التي ما زالت متضخمة رغم انخفاضها خلال العامين الماضيين بنسب وصلت إلى ٣٠% في المتوسط.
آثاره إيجابية
أما المستشارة الاقتصادية نوف الغامدي، فتؤكد أن هذا التوجه الجديد لتمويل البنوك له آثار إيجابية مهمة، فمبادئ التمويل المسؤول تهدف لسلامة قطاع التمويل وتحقيق العدالة في التعاملات، بما في ذلك توفير الحماية اللازمة لعملاء جهات التمويل في حال تقدمهم لأي منها بطلب أي نوع من أنواع التمويلات التي تقدمها تلك الجهات، أو في حال الجمع بين أكثر من تمويل في وقت واحد، والتمويل المسؤول أيضاً يلبي الاحتياجات الفعلية للعميل، خصوصاً تلك المتعلقة بالحصول على المساكن والأصول بدلاً من الأغراض الاستهلاكية، وتهدف كذلك إلى تعزيز الشمول المالي من خلال توفير التمويل المناسب لجميع فئات المجتمع، ومراعاة نسب التحمل ضمن نطاق يمكن للعميل تحمله، كما تهدف المبادئ إلى ضمان العدالة والتنافسية بين الممولين بما يحافظ على فاعلية الإجراءات والآليات المتبعة من قبلهم وضمان كفاءتها.
وتتابع “الغامدي” قائلة: “وبالرغم مما تضمّنته تلك المبادئ لإجراءات تستهدف ضبط وتيرة التمويل الممنوح للأفراد، بما يحقق العدالة والحماية في التعاملات للعملاء، إلا أنها أحدثت لدى البعض ردة فعل عكسية وهي غير مبررة، خصوصاً وأن البعض اعتقد أنها ستحدُّ من قدرة جهات التمويل على الاستمرار في منح التمويل للأفراد بمختلف أنواعه، كما أنها أحدثت للبعض تخوفاً بأن العميل لن يتمكّن من الحصول على التمويل الذي يلبي احتياجاته الفعلية. وتلك المبادئ لم توضع في الأساس للحدّ من قدرة جهات التمويل على الاستمرار في منح جميع أنواع التمويلات باختلاف تصنيفاتها بما في ذلك التمويل الاستهلاكي، أو أنها تستهدف التضييق على المقترضين للحصول على حاجتهم الفعلية من التمويل، بقدر ما تهدف إلى أن يكون التمويل أكثر رشداً من السابق، وأن يكون موجهاً بشكل أكبر إلى التمويل المنتج وتمويل الأصول التي تحدث قيمة اقتصادية ومالية مضافة للمقترض، شريطة مراعاة ملاءمة التمويل لاحتياجات العميل الفعلية وظروفه والتزاماته المالية الأخرى إلى جانب الائتمانية كالمعيشية، بحيث يتم منح التمويل للعميل بناءً على دراسة ائتمانية متعمقة، وتقييم متأنٍّ لصافي الدخل الشهري المتاح للعميل، بحيث يصبح القرار الائتماني قراراً مسؤولاً، وليس ذلك فحسب، بل وأن يصبح التمويل مسؤولاً أيضاً.
وتشير إلى أن من أهم ما جاء في المبادئ كان في مواد خصصت لتحديد سقف إجمالي الالتزامات على العميل، حيث أصبحت مرتبطة بمبلغ الدخل الشهري، فبينما خفض السقف لذوي الدخل أقل من 15 ألف ريال إلى 55 في المائة، بقي كما هو عليه للدخل أعلى من 15 ألفاً وأقل من 25 ألف ريال عند 65 في المائة، بينما ترك المجال للمصرف لتحديد سياسته الخاصة لذوي الدخل أعلى من 25 ألف ريال شهرياً، وهي بذلك تحدد مسؤوليات كل طرف في عقد التمويل، فعندما يقوم المصرف بتمويل كل الشرائح، فإن عليه الأخذ في الاعتبار معلومات أوسع عن وضع المقترض المالي والتزاماته الشهرية التي تتنوع بين مصاريف الأغذية والتعليم والإيجار وخلافه، مما سيوفر قاعدة بيانات أكبر تمكن القطاع المصرفي من بناء نماذج تحليلية قادرة على تحديد المخاطر بشكل أدق. إضافة إلى ذلك، متى ما قام المصرف بالدخول في عملية تمويل يكون المقترض فيها قريباً من الحد الأعلى للاستقطاع، فإن المخاطرة والمسؤولية تقع على المصرف، وبالتالي إن حصل تغيير في القسط الشهري، فإن على المصرف تمديد القرض دون تحميل العميل أي تكاليف، وبالتالي لن تؤثر على الأسعار كثيراً ولكنها قد تنخفض تدريجياً.
تقسيم الراتب
ومن جانبه، أوضح أمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية المتحدث باسم البنوك السعودية طلعت بن زكي حافظ لـ”سبق”، أنه في تمويل الأفراد سيتم الاعتماد على عدة بنود وفقرات؛ موضحاً أن التطبيق سيكون غداً الأحد الأول من ذي الحجة؛ مبيناً أنه سيتم تطبيق المواد 15و16و17 في نسب الاستقطاع.
وأضاف أنه سيكون هناك أكثر من نوع تمويل، وسيقسم الراتب في التمويل الجديد وفقاً لقسمة معينة (15 ألف ريال) لها نسبة، وحتى 25 ألف ريال لها أيضاً نسبة، وما زاد على 25 ألفاً يتم حسب الاتفاق بين البنك والعميل.
وأشار إلى أنه في التمويل الشخصي سيتم استقطاع نسبة 33% من إجمالي الراتب مع البدلات الثابتة، وسيتم حذف نسبة التأمينات الاجتماعية والتقاعد منها فقط؛ موضحاً أن العميل سيكون على اطلاع ودراية كاملة بكامل بنود عقد التمويل والمخاطر المحتملة.
وقال “حافظ”: سيعمل البنك قبل منح القرض للعميل في النظام الجديد، على التأكد بشكل كبير من القدرة المالية للعميل؛ بما فيها المصاريف اليومية والشهرية من خلال العميل نفسه مثل الكهرباء وغيرها من الارتباطات فيما يخص الارتباطات الأخرى المتعارف عليها، وستتم عبر سجله الائتماني في “سمة”؛ بهدف عدم تحميله التزامات فوق طاقته.
التعليقات